فصل: من فوائد أبي السعود في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: الضمير في {من حسابهم} وفي {عليهم} عائد على المشركين وتكون الجملتان اعتراضًا بين النهي وجوابه، قال الزمخشري: والمعنى لا يؤاخذون بحسابك ولا أنت بحسابهم حتى يهمك إيمانهم ويحركك الحرص عليه إلى أن تطرد المؤمنين.
وقال ابن عطية: ويحتمل أن يكون الضمير في {حسابهم} و{عليهم} للكفار الذين أرادوا طرد المؤمنين أي ما عليك منهم آمنوا ولا كفروا فتطرد هؤلاء رعيًا بذلك، والضمير في تطردهم عائد على الضعفة من المؤمنين ويؤيد هذا التأويل أن ما بعد الفاء أبدًا سبب ما قبلها وذلك لا يبين إذا كانت الضمائر كلها للمؤمنين.
وحكى الطبري أن الحساب هنا إنما هو في رزق الدنيا أي لا ترزقهم ولا يرزقونك، قال: فعلى هذا تجيء الضمائر كلها للمؤمنين؛ انتهى.
{ومن} في {من حسابهم} وفي {من حسابك} مبعضة في موضع نصب على الحال في {من حسابهم} وذو الحال هو {من شيء} لأنه لو تأخر من حسابهم لكان في موضع النعت لشيء فلما تقدّم انتصب على الحال و{عليك} في موضع الخبر لما إن كانت حجازية، وأجزنا توسط خبرها إذا كانت ظرفًا أو مجرورًا وفي موضع خبر المبتدإ إن لم نجز ذلك أو اعتقدنا أن ما تميمية وأما في {من حسابك} فقيل: هو في موضع نصب على الحال ويضعف ذلك بأن الحال إذا كان العامل فيها معنى الفعل لم يجز تقديمها عليه خصوصًا إذا تقدمت على العامل وعلى ذي الحال.
وقيل: يجوز أن يكون الخبر {من حسابك} و{عليهم} صفة لشيء تقدّمت عليه فانتصب على الحال وهذا ضعيف، لأن {عليهم} هو محط الفائدة فترجح أن يكون هو الخبر ويكون {من حسابك} على هذا تنبيهًا لا حالًا ولا خبرًا وانظر إلى حسن اعتنائه بنبيه وتشريفه بخطابه حيث بدأ به في الجملتين معًا فقال: {ما عليك من حسابهم من شيء} ثم قال: {وما من حسابك عليهم من شيء} فقدم خطابه في الجملتين وكان مقتضى التركيب الأول لو لوحظ أن يكون التركيب الثاني {وما عليهم من حسابك من شيء} لكنه قدم خطاب الرسول وأمره تشريفًا له عليهم واعتناء بمخاطبته وفي هاتين الجملتين رد العجز على الصدر، ومنه قول الشاعر:
وليس الذي حللته بمحلل ** وليس الذي حرمته بمحرّم

{فتطردهم فتكون من الظالمين} الظاهر أن قوله: {فتطردهم} جواب لقوله: {ما عليك من حسابهم من شيء} يكون النصب هنا على أحد معنى النصب في قولك: ما تأتينا فتحدّثنا لأن أحد معنيي هذا ما تأتينا محدثًا إنما تأتي ولا تحدث، وهذا المعنى لا يصح في الآية والمعنى الثاني ما تأتينا فكيف تحدثنا؟ أي لا يقع هذا فكيف يقع هذا وهذا المعنى هو الذي يصح في الآية أن لا يكون حسابهم عليك فيكون وقع الطرد، وأطلقوا جواب أن يكون {فتطردهم} جوابًا للنفي ولم يبينوا كيفية وقوعه جوابًا والظاهر في قوله: {فتكون من الظالمين} أن يكون معطوفًا على {فتطردهم} والمعنى الإخبار بانتفاء حسابهم وانتفاء الطرد والظلم المتسبب عن الطرد، وجوّزوا أن يكون {فتكون} جوابًا للنهي في قوله: {ولا تطرد} كقوله: {لا تفتروا على الله كذبًا فيسحتكم بعذاب} وتكون الجملتان وجواب الأولى اعتراضًا بين النهي وجوابه، ومعنى {من الظالمين} من الذين يضعون الشيء في غير مواضعه. اهـ.

.من فوائد أبي السعود في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشى}.
لما أُمر صلى الله عليه وسلم بإنذار المذكورين لينتظموا في سلك المتقين نُهِيَ صلى الله عليه وسلم عن كون ذلك بحيث يؤدي إلى طردهم. رُوي أن رؤساءَ من المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو طردتَ هؤلاء الأعبُدَ وأرواحَ جبابهم يعنون فقراءَ المسلمين كعمارٍ وصهيبٍ وخبابٍ وسَلمانَ وأضرابهم رضي الله تعالى عنهم جلسنا إليك وحادثناك. فقال صلى الله عليه وسلم: «ما أنا بطارد المؤمنين» فقالوا: فأقِمْهم عنا إذا جئنا، فإذا قُمنا فأقعِدْهم معك إن شئت، قال صلى الله عليه وسلم: «نعم» طمعًا في إيمانهم. ورُوي أن عمر رضي الله تعالى عنه قال له عليه الصلاة والسلام: «لو فعلتَ حتى تنظرَ إلى ما يصيرون؟» وقيل: إن عُتبةَ بنَ ربيعةَ وشيبةَ بنَ ربيعةَ ومُطعِمَ بنَ عديَ والحارثَ بنَ نوفل وقرصةَ بنَ عبيد وعمروَ بنَ نوفل وأشرافَ بني عبد مناف من أهل الكفر أتَوا أبا طالب فقالوا: يا أبا طالب لو أن ابنَ أخيك محمدًا يطرُد مواليَنا وحلفاءنا وهم عبيدُنا وعتقاؤُنا كان أعظمَ في صدورنا، وأدنى لاتّباعنا إياه، فأتى أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بالذي كلموه، فقال عمر رضي الله عنه: لو فعلتَ ذلك حتى تنظرَ ما الذي يريدون، وإلامَ يصيرون؟ وقال سلمان وخباب: فينا نزلت هذه الآية، جاء الأقرعُ بنُ حابسٍ التميمي وعُيَيْنةُ بنُ حِصْنٍ الفزاريُّ وعباسُ بنُ مِرْداسٍ وذووهم من المؤلفة قلوبُهم فوجدوا النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا مع أناسٍ من ضعفاءِ المؤمنين، فلما رأوهم حوله صلى الله عليه وسلم حقَروهم فأتَوْه عليه الصلاة والسلام فقالوا: يا رسول الله لو جلستَ في صدر المسجد، ونفَيْتَ عنا هؤلاء وأرواحَ جبابهم فجالسناك وحادثناك وأخذنا عنك فقال صلى الله عليه وسلم: «ما أنا بطارد المؤمنين» قالوا: فإنا نحب أن تجعل لنا معك مجلسًا تعرِفْ لنا به العربُ فضلَنا فإن وفودَ العرب تأتيك فنستحي أن ترانا مع هؤلاء الأعبُد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت قال صلى الله عليه وسلم: «نعم» قالوا: فاكتب لنا كتابًا فدعا بالصحيفة وبعليَ رضي الله تعالى عنه ليكتبَ ونحن قعود في ناحية، فنزل جبريلُ عليه السلام بالآية، فرمى عليه السلام بالصحيفة ودعانا فأتيناه وجلسنا عنده، وكنا ندنو منه حتى تمَسَّ رُكَبُنا رُكبتَه، وكان يقوم عنا إذا أراد القيام فنزلت {واصبر نَفْسَكَ مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُم} فترك القيام عنا إلى أن نقوم عنه وقال: «الحمد لله الذي لم يُمتْني حتى أمرني أن أصبِرَ نفسي مع قومٍ من أمتي معكم المحيا ومعكم الممات».
والمرادُ بذكر الوقتين الدوامُ وقيل: صلاةُ الفجر والعصر وقرئ {بالغُدوة} وقوله تعالى: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} حال من ضمير {يدعون} أي يدعونه تعالى مخلصين له فيه، وتقييدُه به لتأكيد علِّيتِه للنهي، فإن الإخلاصَ من أقوى موجبات الإكرام المضادِّ للطرد، وقوله تعالى: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شيء} اعتراضٌ وسطٌ بين النهي وجوابه تقريرًا له ودفعًا لما عسى يُتوَهم كونُه مسوِّغًا لطردهم من أقاويلِ الطاعنين في دينهم، كدأب قوم نوحٍ حيث قالوا: {مَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ الرأى} أي ما عليك شيءٌ ما مِنْ حساب إيمانهم وأعمالِهم الباطنة حتى تتصدَّى له وتنْبي على ذلك ما تراه من الأحكام، وإنما وظيفتُك حسبما هو شأنُ منصِبِ النبوة اعتبارُ ظواهرِ الأعمال وإجراءُ الأحكام على موجبها، وأما بواطنُ الأمور فحسابُها على العليم بذات الصدور كقوله تعالى: {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ على رَبّى} وذكرُ قوله تعالى: {وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مّن شيء} مع أن الجوابَ قد تم بما قبله للمبالغة في بيان انتفاءِ كون حسابِهم عليه صلى الله عليه وسلم بنظمه في سِلْك ما لا شُبهة فيه أصلًا، وهو انتفاءُ كونِ حسابه عليه السلام عليهم على طريقة قولِه تعالى: {لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} وأما ما قيل من أن ذلك لتنزيل الجملتين منزلةَ جملةٍ واحدةٍ لتأدية معنى واحدٍ على نهج قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} فغيرُ حقيقٍ بجلالة شأن التنزيل، وتقديم {عليك} في الجملة الأولى للقصد إلى إيراد النفي على اختصاص حسابهم به صلى الله عليه وسلم إذ هو الداعي إلى تصدّيه عليه الصلاة والسلام لحسابهم، وقيل: الضمير للمشركين، والمعنى: أنك لا تؤاخَذُ بحسابهم حتى يُهمَّك إيمانُهم ويدعُوَك الحِرْصُ عليه إلى أن تطرُدَ المؤمنين، وقوله تعالى: {فَتَطْرُدَهُمْ} جواب النفي وقوله تعالى: {فَتَكُونَ مِنَ الظالمين} جواب النهي وقد جُوِّز عطفُه على {فتطردَهم} على طريقة التسبيب وليس بذاك. اهـ.

.من فوائد الشوكاني في الآية:

قال رحمه الله:
قوله: {وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشى يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الدعاء العبادة مطلقًا.
وقيل: المحافظة على صلاة الجماعة.
وقيل: الذكر وقراءة القرآن.
وقيل: المراد الدعاء لله بجلب النفع ودفع الضرر.
قيل: والمراد بذكر الغداة والعشيّ الدوام على ذلك والاستمرار.
وقيل: هو على ظاهره، و{يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} في محل نصب على الحال.
والمعنى: أنهم مخلصون في عبادتهم لا يريدون بذلك إلا وجه الله تعالى، أي يتوجهون بذلك إليه لا إلى غيره.
قوله: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شيء وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مّن شيء} هذا كلام معترض بين النهي وجوابه متضمن لنفي الحامل على الطرد، أي حساب هؤلاء الذين أردت أن تطردهم موافقة لمن طلب ذلك منك هو على أنفسهم ما عليك منه شيء، وحسابك على نفسك ما عليهم منه شيء فعلام تطردهم؟ هذا على فرض صحة وصف من وصفهم بقوله: {مَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا} [هود: 27] وطعن عندك في دينهم وحسبهم، فكيف وقد زكاهم الله عزّ وجلّ بالعبادة والإخلاص؟! وهذا هو مثل قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} [الأنعام: 164] وقوله: {وَأَن لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى} [النجم: 39].
وقوله: {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ على رَبّى} [الشعراء: 113].
قوله: {فَتَطْرُدَهُمْ} جواب النفي في قوله: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شيء} وهو من تمام الاعتراض، أي إذا كان الأمر كذلك فأقبل عليهم وجالسهم ولا تطردهم مراعاة لحق من ليس على مثل حالهم في الدين والفضل، و{من} في {ما عليك من حسابهم من شيء} للتبعيض، والثانية للتوكيد.
وكذا في {ما من حسابك عليهم من شيء}.
قوله: {فَتَكُونَ مِنَ الظالمين} جواب للنهي أعني {وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} أي فإن فعلت ذلك كنت من الظالمين، وحاشاه عن وقوع ذلك.
وإنما هو من باب التعريض لئلا يفعل ذلك غيره صلى الله عليه وسلم من أهل الإسلام، كقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65].
وقيل: إن {فتكون من الظالمين} معطوف على {فتطردهم} على طريق التسبب، والأوّل أولى.
وقد أخرج هذا السبب مطوّلًا ابن جرير، وابن المنذر، عن عكرمة، وفيه: إن الذين جاءوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وقرظة بن عبد عمرو بن نوفل، والحارث بن عامر بن نوفل، ومطعم بن عدي بن الخيار بن نوفل في أشراف الكفار من عبد مناف.
وأخرجه ابن أبي شيبة، وابن ماجه وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبو الشيخ وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في الدلائل، عن خباب قال: جاء الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري، فذكر نحو حديث عبد الله بن مسعود مطوّلًا.
قال ابن كثير: هذا حديث غريب، فإن هذه الآية مكية، والأقرع وعيينة إنما أسلما بعد الهجرة بدهر.
وأخرج مسلم والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم، عن سعد بن أبي وقاص قال: لقد نزلت هذه الآية في ستة: أنا وعبد الله بن مسعود، وبلال، ورجل من هذيل، ورجلان لست أسميهما، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء عنك لا يجترئون علينا، فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع، فحدّث نفسه، فأنزل الله: {وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشى}.
وقد روي في بيان السبب روايات موافقة لما ذكرنا في المعنى.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {بالغداة والعشى} قال: يعني الصلاة المكتوبة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن مجاهد قال: الصلاة المكتوبة الصبح والعصر.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن إبراهيم النخعي في الآية قال: هم أهل الذكر لا تطردهم عن الذكر.
قال سفيان: أي أهل الفقه. اهـ. بتصرف يسير.

.من فوائد الألوسي في الآية:

قال رحمه الله:
{وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشى}.
لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنذار المذكورين لعلهم ينتظمون في سلك المتقين نهي عليه الصلاة والسلام عن كون ذلك بحيث يؤدي إلى طردهم؛ ويفهم من بعض الروايات أن الآيتين نزلتا معًا ولا يفهم ذلك من البعض الآخر، فقد أخرج أحمد والطبراني وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: مر الملأ من قريش على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين فقالوا: يا محمد رضيت بهؤلاء من قومك أهؤلاء من الله تعالى عليهم من بيننا أنحن نكون تبعًا لهؤلاء اطردهم عنك فلعلك إن طردتهم أن نتبعك فأنزل الله تعالى فيهم القرآن {وَأَنذِرْ بِهِ الذين} إلى قوله سبحانه: {والله أَعْلَمُ بالظالمين} [الأنعام: 51 58].
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل.
وغيرهم عن خباب رضي الله تعالى عنه قال: جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدا النبي صلى الله عليه وسلم قاعدًا مع بلال وصهيب.
وعمار وخباب في أناس ضعفاء من المؤمنين فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فخلوا به فقالوا: نحب أن تجعل لنا منك مجلسًا تعرف لنا العرب له فضلنا فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا قعودًا مع هؤلاء الأعبد فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت قال: نعم قالوا: فاكتب لنا عليك بذلك كتابًا فدعا بالصحيفة ودعا عليًا كرم الله تعالى وجهه ليكتب ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبريل بهذه الآية: {وَلاَ تَطْرُدِ الذين} إلخ ثم دعانا فأتيناه وهو يقول: {سلام عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة} [الأنعام: 54] فكنا نقعد معه فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله تعالى: {واصبر نَفْسَكَ مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُم} [الكهف: 28] إلخ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقعد معنا بعد فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم.